د. أحمد عبد الوهاب لـ(قال)):
- توقعات بإصابة 10 آلاف غزاوي بالسرطان نتيجة القنابل المسمومة
- تدمير البيئة طبيعة الصهاينة والتنوع البيولوجي لغزة أغرى الاحتلال
- انقراض الحيوانات غير وارد وتبخير مياه البحر وسيلة لتوفير المياه
حوار- شيماء جلال:
عاشت غزة عدوانًا داميًّا استمرَّ لأكثر من 22 يومًا، استخدم العدو الصهيوني خلالها أبشع أنواع الأسلحة المدمرة، ليس لحياة الإنسان فحسب بل لحياة النبات والحيوان، ضاربًا بعرض الحائط المواثيق الدولية التي تمنع استخدام تلك الأسلحة ضد المدنيين؛ حيث لم تقتصر جرائم آلة الحرب الصهيونية على محصلة بلغت 1417 شهيدًا وأكثر من 5000 جريح فقط، بل امتدت آثارها لتشمل البيئة والأرض والتربة؛ حيث تم تدمير منابع المياه العذبة، وتم تدمير مصنع الإسمنت الوحيد لغزة، فضلاً عن تدمير الأشجار والمزروعات، وضرب صهاريج المياه ومحطات الصرف الصحي.
ويدل ذلك على أن الحرب على غزة في العام الماضي لم تكن حربًا فقط ضد البشرية، بل إنها كانت حربًا لمنع كل أسباب الحياة بأرض غزة من ماء وهواء وتربة.
وأمام مشهد التأثيرات البيئية لحرب غزة، وبعد عام على انتهائها؛ كان هناك العديد من التساؤلات حول الآثار التي خلفتها تلك الحرب الشرسة على الأخضر واليابس؟ والحلول المقترحة لإعادة الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى، فكان حوارنا مع الدكتور أحمد عبد الوهاب خبير البيئة والحائز على جائزة رجل القرن في مكافحة أمراض البيئة من الأمم المتحدة.
* في البداية نود معرفة هل ما حدث في غزة في الوقت ذاته من العام الماضي كانت حربًا بين جيش وجيش آخر أم أنها كانت حربًا بيئية وبيولوجية؟
** بالفعل لم تكن حرب غزة حربًا عادية؛ حيث اعتمد العدو الصهيوني خلال حربه على تدمير القطاعات البيئية الحيوية من تربة وأراضٍ زراعية ونباتات وأشجار وخلط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي.
غير عادية
|
|
</TR>
* ذكرتم أن الحرب على غزة لم تكن حربًا عادية وكأنها كانت مدبرة؛ فهل معنى هذا أن العدو وضع في خطته قبيل شن الحرب تدمير الملامح البيئية والطبيعية قبل تدمير البشر؟ ** هذا ما حدث ولا يعبر عن الفكر الحربي الذي ينتهجه الكيان الصهيوني فحسب، بل إن أمريكا اتبعته خلال الحرب على العراق؛ حيث استخدمت نوعية من الأسلحة كانت تتسبب في إحداث العقم، وأبلغت جنودها بذلك قبل الحرب أنهم قد يكونون غير قادرين على الإنجاب بعد الحرب؛ وكذلك الوضع بالنسبة لغزة تعمد الكيان الصهيوني استخدام المبيدات السامة لتدمير الغطاء النباتي، وكذلك القنابل الدخانية لتدمير الحياة البرية والحيوانية؛ والمغزى من ذلك الأسلوب في الحروب هو القضاء على كافة أشكال الحياة وليس البشر فحسب.
تدمير الطبيعة
* إلى أي مدى أثرت الحرب الصهيونية على المنظومة النباتية في غزة، لا سيما وأن أغلب التقارير والدراسات العلمية بعد الحرب تشير إلى أن مئات الآلاف من الأشجار والنباتات المثمرة تلفت؟
** الحرب الصهيونية مما لا شك فيه أثرت بشكل كبير في المنظومة النباتية لغزة؛ حيث تم تدمير أشجار الزيتون والفاكهة، وكذلك تم تجريف التربة بالدبابات الحربية؛ ما أدى إلى اقتلاع الآلاف من الأفدنة الزراعية بجانب تلويث التربة لاستخدامهم القنابل الفسفورية المدمرة.
دأب الشيطان
|
</TR>
* في رأيكم لما بدأ العدو الصهيوني باقتلاع المزروعات والأشجار منذ أول وهلة لدخوله أرض غزة؟ وما تداعيات ذلك على المنظومة النباتية في المستقبل؟** الكيان الصهيوني يدرك جيدًا طبيعة التنوع البيئي والبيولوجي داخل أرض غزة من تنوع في الأشجار والحيوانات البرية، فغزة لديها تنوع بيولوجي كبير يشمل العديد من أنواع النباتات، فضلاً عن أنها معروفة بأنها من أفضل البلاد في المنطقة في الزراعة؛ لذا دأب الكيان على اقتلاع وتدمير الأشجار والنباتات لكي تظهر له الأرض ويشاهدها بشكل كامل، وحتى يقطع الفرصة على الفلسطينيين في غزة من أن يختبئوا خلفها.
أما فيما يتعلق بتداعيات هذا الأمر فهو أن نسبة نمو النباتات والأشجار انخفضت بشكل كبير؛ ولكن لن تختفي أو تنقرض بعض النباتات، ولكنها تحتاج لإعادة زراعة واهتمام بالتربة.
الكل سواء
* إذا انتقلنا من منظومة القطاع النباتي إلى القطاع الحيواني؛ فهل هناك علاقة تأثيرية بين الإثنين، وهل تأثر القطاع الحيواني بفعل الحرب على النباتات؟
** الحيوانات بطبيعتها التي خلقها الله عليها لديها المقدرة على الإحساس بالخطر والاختباء ولكن أثناء الحرب على غزة ما تسبب في تفاقم مشكلة الحيوانات هو عدم تواجد وتوافر النباتات التي تتغذي عليها؛ حيث اقتلعتها جرافات ودبابات العدو بجانب أن القنابل الفسفورية والرصاص المصبوب لم يفرق بين إنسان وحيوان فما ناله شهداء غزة أيضًا نالته الحيوانات.
إجمالاً كان الوضع سيئًا للغاية خلال الحرب، وكما ذكرت سابقًا أن أسلحة الحرب الفتاكة لم تفرِّق بين الإنسان والحيوان، وأيضًا علميًّا تسبب ذلك الوضع في إحداث خلل في التوازن البيئي والتنوع الحيوي.
* هل من الممكن أن تتسبب حرب غزة وما أثرت به في القطاع الحيواني إلى حدوث حالة انقراض للنوع الحيواني؟
** هذا لم يتحقق، ولم يتبين لنا حدوث أي حالة من حالات الانقراض؛ ولكن غزة بالأخص حباها الله بطبيعة بيئية بحكم قربها من البحر الأبيض المتوسط، وقربها من سوريا والأردن من الصعب أن يحدث انقراض لفصائلها الحيوانية.
مواد سامة
* مشكلة المياه في غزة كبيرة للغاية، فجميع الإحصائيات والدراسات تشير إلى أن 90% من المياه الجوفية لا يوجد بها سوى 10 فقط صالح للشرب، بجانب زيادة تركيز نسبة النترات في المياه ليتعدى عشرة أضعاف المسموح به بالمياه؛ فما الأثر السلبي من ذلك الأمر؟
** انتشار "النترات" بمياه الشرب ليس بالخطورة الكبرى على صحة الإنسان، ولكن المشكلة الأكبر تكمن في انتشار "النيتريت" وهي أشد خطورة وبالتأكيد هي موجودة ولكن بنسب ليست بالكبيرة؛ لأن النسب العالية من النيتريت بالمياه تتسبب في إحداث تسممات تؤدي للموت؛ لأنها مادة سامة، في حين أن النترات تتغذى عليها النباتات، وإذا تناولتها سوف تأخذ ثاني أكسيد الكربون وتخرج أكسجين.
مخلفات الحرب
|
</TR>
* تعاني غزة من مشكلة عدم القدرة على التخلص من النفايات، خاصةً في ظل قيام العدو الصهيوني بتدمير صهاريج المياه وإلقاء نفايات ومخلفات الحرب في مياه الشرب؛ فما الطريقة الآمنة والسليمة للتخلص من النفايات في غزة حتى لا تضر بالبيئة؟** أمر التخلص من النفايات ليس بالصعب؛ ويمكن لأهل غزة أن يعالجوا ذلك الأمر من خلال عمل حفر عميقة بالمناطق الصحراوية بعمق 75 مترًا تحت الأرض يتم فيها دفن النفايات ومن ثم زراعة النباتات فوقها وبذلك تتحول القمامة إلى سماد نافع للتربة.
* ولكن قد تكون هناك نفايات ضارة وسامة؛ أليس ذلك النهج في التعامل مع النفايات قد يكون ضارًّا أكثر من نفعه؟
** بالطبع؛ لذا ينبغي الحذر قبيل التخلص من النفايات من خلال فرزها؛ المعادن بجانب والبلاستيك بجانب آخر، وكذلك المواد العضوية.
* وما المدة المتوقعة لكي يتم التخلص من تلك النفايات وتنمو النباتات الخضراء؟
** التخلص من النفايات وزراعة النباتات فوقها قد يتم خلال مدة صغيرة؛ حيث من الممكن أن تتم زراعة 100 فدان وخلال شهر قد تنمو النباتات وتظهر على السطح.
هواء مسمم
* كيف ترون تأثير آلة الحرب الصهيونية على الهواء، وما الأضرار المتوقعة جرَّاء استخدام الأسلحة المحرمة دوليًّا، وما تداعيات تلك الأزمة؟
** أثرت الحرب الصهيونية على غزة بشكل كبير على الهواء؛ حيث تسببت المركبات العضوية والقنابل الفسفورية في حدوث تخلل في طبقات الهواء حينما كان ينتشر الضوء الأصفر للقنابل في سماء غزة كان يتسبب في حدوث اضطرابات في الجهاز العصبي والنفسي؛ حيث أُصيب ما يزيد عن 30% من أطفال غزة بأمراض في الجهاز التنفسي؛ ولم يتوقف عند هذا الحد بل تمثلت تداعيات الحرب في أن ينتقل الهواء الملوث بفعل آلة الحرب الصهيونية من غزة إلى بلدان أخرى مجاورة، منها مصر والأردن وسوريا.
* وما الأمراض التي قد تكون قد ظهرت جرَّاء استخدام الأسلحة المحرمة دوليًّا؟
** هناك العديد من الأمراض انتشرت في ظل أعمال آلة الحرب الصهيونية بقطاع غزة؛ ومن بين تلك الأمراض السرطان، فمن المتوقع أن يُصاب 10 آلاف من المواطنين بالسرطان في ظل ملايين الأطنان من المتفجرات التي قُذف قطاع غزة بها وقت الحرب؛ علاوةً على انتشار أمراض الصدر والقلب والربو.
دعاوى قضائية
|
</TR>
* ما أحدثته آلة الحرب الصهيونية من تدمير للبيئة الطبيعية، فضلاً عن تدمير أهم أسباب عوامل الحياة؛ فهل من الممكن أن يتحرك خبراء البيئة بدعاوى قضائية دولية لمعاقبة الكيان الصهيوني على تدميره البيئة الطبيعية لغزة، بل التي امتدت آثارها التدميرية إلى بلاد عربية مجاورة؟ ** مسألة رفع الدعاوى القضائية ضد الكيان الصهيوني تحتاج لتفعيل دولي، خاصةً أنه لم يتم رفع دعاوى قضائية من قبل على الكيان الصهيوني بسبب تدميره للبيئة، ولكن كندا أقامت دعوى قضائية ضد أمريكا لنشرها غازات ضارة وسامة منبعثة من صناعات تقوم بها، وبالفعل تمكنت كندا من الفوز بالقضية، وحصلت على تعويضات مقابل التأثير البيئي السلبي الذي لحق بأراضيها.
مستقبل مخيف
* في ظل الآثار السلبية التي شاهدناها للعدو الصهيوني على البيئة الطبيعية بغزة، ما التأثيرات المستقبلية المتوقع أن تحدث مستقبلاً في بيئة غزة؟
** التوقعات بشأن حرب غزة في المستقبل ليست لدينا إحصائيات كاملة ومحددة عنها؛ حيث ما زال الشعب في غزة يحاول أن يعيد بناء نفسه مرة أخرى ليتخلص من آثار الحرب والدمار، والمشكلة تكمن في أن هناك العديد من الأمراض قد تبرز وتتضح خلال الفترة القادمة، ومنها أمراض السرطانات؛ لأنها لا تظهر حينها بجانب تشوهات الأجنة قد يمتد أثرها لسنوات قادمة نتيجة للأسلحة المحرمة التي تم استخدامها خلال الحرب؛ ويكفي حالات الاضطراب النفسي التي حدثت للعديد من الأطفال والنساء في ظل الحرب.
إعادة الحياة
* وفي تحليلكم للأزمة؛ ما الحلول والمقترحات من أجل إعادة الحياة والملامح الطبيعية بغزة مرة أخرى بعد الدمار الذي خلفته آلة العدو الصهيوني؟
** يمكن علاج أزمة المياه بغزة من خلال أكثر من وسيلة؛ أولها الأمطار الصناعية، ومن خلال وسيلة أخرى أثبتت فاعليتها في التخلص من مياه الصرف الملوثة التي قام العدو الصهيوني بخلطها بمياه الشرب من خلال إدخال مياه الصرف في أوعية كبيرة بها كميات من الزلط، وبعد أن تتم تلك العملية ستخرج مياه صالحة للشرب بعد إضافة كمية من الكلور إليها.
وهناك طريقة أخرى للحصول على مياه صالحة للشرب في ظل تلوث أكثر من 90% من مياه الشرب، وذلك باستخدام عدسات يتم تسليطها على البحر حتى يتبخر، ومن ثم يتكثف على لوح زجاجي، ولعل ذلك الأسلوب في استخراج المياه هو ذات الأسلوب الذي يتبعه الكيان الصهيوني في الحصول على المياه، فضلاً عن أنه في الأساس يسرق المياه من غزة ومصر.
أما فيما يتعلق بالنباتات؛ فلا بد أن يتم تنظيف التربة الزراعية التي جرفتها دبابات العدو الصهيوني، وتُرمى بها البذور، وتُقام مشاتل بدلاً من المشاتل التي تم تدميرها، ومن السهل إعادة الحياة للبيئة الزراعية مرة أخرى بغزة في وقت قصير؛ لأن الزراعات تمت إزالتها بشكل صناعي أكثر منه بشكل كيميائي.
منققققققققققققول