<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 align=left border=0>
<TR> <td> </TD></TR> <TR> <td class=imageCaption>المهندس علي عاشور يمني نفسه بتعميم إختراعه</TD></TR></TABLE>
عندما سألت المهندس أحمد الليثي وزير الزراعة المصري السابق: لماذا تقف الإجراءات الروتينية عائقا أمام تنفيذ الاختراعات التي ترفع إنتاجية القمح؟ كانت إجابة الرجل قاطعة، وهي: أن هذه الاختراعات لم ولن تشهد النور؛ بسبب ما أسماه بـ"مافيا استيراد القمح". كان ذلك أثناء إعدادي لتحقيق صحفي عن سبب تجاهل وزارة الزراعة لاختراع "جورن 19" الذي يرفع إنتاجية فدان القمح بمعدل 30%، وإذا كان الليثي وقتها قد رفض الإفصاح عن التفاصيل، إلا أنه وبعد ما يقرب من ستة أشهر على إجراء التحقيق، فتحت قضية القمح الفاسد ملف هذه المافيا، التي لا تكتفي فقط باستيراد القمح بسعر أعلى من الأسعار العالمية، لكنها تستورد قمحا فاسدا أيضا. وكان مصطفى بكري عضو مجلس الشعب المصري قد فجر هذه القضية في المجلس، عندما وقف ممسكا بعينات من هذا القمح واصفا إياها بأنها ذات رائحة عفنة. <TABLE class=RelatedLinksInside width=230 align=left>
<TR> <td></TD></TR></TABLE>العقاب مطلوب ولكن.. وكعادة الحكومة في تعاملها مع مثل هذه القضايا أصدر النائب العام المصري أوامره بالتحفظ على شحنات القمح لتحليلها، وأخرج الجهاز المركزي للمحاسبات من دفاتره ما يدين الهيئة العامة للسلع التموينية، الجهة التي تتولى استيراد القمح، ليعلن للجميع الحقيقة التي باتت معروفة، وهي أن الجهاز يمارس دوره الرقابي ويكتشف مخالفات، ولكن لا أحد يهتم بتقاريره، ويتخذ إجراءات عقابية بناء على ما جاء بها. ورصد أحدث تقرير صادر عن الجهاز نقلته صحيفة (المصري اليوم) في 14 مايو 2009 العديد من المخالفات، أخطرها ارتفاع نسبة الحشائش السامة في بعض شحنات القمح المستوردة، وشراء قمح روسي بسعر أعلى من السعر العالمي، ففي حين يصل سعر الـ 30 ألف طن قمح روسي إلى 302.23 ألف دولار، اشترته الهيئة بـ 352.5 ألف دولارا، أي بفارق يصل إلى 32.27 ألف دولارا. وأشار التقرير إلى قصور كبير من جانب شركة التجار المصريين "أحد أكبر موردي القمح" في تنفيذ تعاقداتها مع الهيئة، ومع ذلك استمرت الهيئة في التعاقد معها. ورغم أهمية عقاب المفسدين وكشفهم، إلا أن المثير للانتباه أننا ونحن نفعل ذلك لا نفكر في وأد المشكلة من جذورها حتى لا تتكرر، ولن يكون ذلك بالعقاب الرادع للمخالفين؛ لأنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه المخالفات، ولن تكون الأخيرة، وإنما العلاج المطلوب هو مضاعفة الإنتاج المحلي من القمح الذي يغنينا عن الاستيراد. "كلاكيت" خامس مرة وأجد نفسي في هذا الإطار، وللمرة الخامسة، مشدودا لعرض "اختراع جورن 19"، الذي توصل له مهندس زراعي من محافظة الإسماعيلية "شمال القاهرة" يدعى علي عاشور، ويرفع إنتاجية فدان القمح بمعدل يتراوح بين 25 و30%، بما يعني أننا في حال تنفيذه لن نحتاج للاستيراد. بحسبة بسيطة تستورد مصر 45% من احتياجاتها من القمح، في حين تنتج 55%، ومن ثم فإن وجود اختراع يرفع إنتاجية فدان القمح بمعدل من 25 إلى 30% يعني أنه بالإمكان عند تنفيذه تقليل معدل الاستيراد إلى 20 أو 15%، بل ويمكن الاستغناء عن هذه النسبة بخلط دقيق القمح مع دقيق الذرة. هذه النتيجة كانت قد توصلت لها دراسة أجريت بجامعة عين شمس بطلب من جهاز تنمية البراءات والاختراعات بأكاديمية البحث العلمي المصرية، ولكن كالعادة حفظت النتائج في ملف يعلوه التراب، كتب على غلافه الخارجي: "أوراق اختراع جورن 19". فهل تكون قضية القمح الفاسد حافزا لإزالة هذا التراب، والنظر بعين الاعتبار لما يحويه هذا الملف من أوراق قد توفر على مصر598 مليون دولارتنفقها على استيراد القمح سنويا؟ مجرد أمنية لن أمل تكرارها. |