أكد القس الأميركي تيري جونز عزمه المضي قدما في خطته لحرق نسخ من المصحف الشريف السبت المقبل في ذكرى هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، رغم الضغوط التي قال إنه تعرض لها من البيت الأبيض وزعماء دينيين لوقف مساعيه، وسط تنديد العديد من الطوائف الدينية والقيادات السياسية بهذه الخطوة.
فقد أعلن القس جونز -وهو أسقف في كنيسة صغيرة بولاية فلوريدا- في مؤتمر صحفي أنه تلقى العديد من التشجيع لرفضه الانصياع للضغوط، وأن مؤيديه يرسلون نسخا من نصوص القرآن الكريم إلى كنيسته.
وأضاف القس البالغ من العمر 58 عاماً في المؤتمر الذي رفض تلقي أي أسئلة فيه، أنه لم يقتنع بعد بأن التراجع (عن حرق القرآن) هو الصواب.
وكان القس جونز أوضح في تصريحات لقناة "سي أن أن" التلفزيونية الأميركية أن كنيسته تدرك جيدا أن الخطوة ستكون هجومية خصوصا للمسلمين، معتبرا أن الرسالة موجهة إلى من وصفه بالعنصر الأصولي في الإسلام وليس للمعتدلين.
كما أكد أنه يأخذ بجدية تحذيرات القادة العسكريين بشأن احتمال تعرض الجنود الأميركيين في عدة مناطق من العالم للخطر، لكنه شدد على ضرورة عدم التراجع.
وكشف كذلك أنه تلقى أكثر من مائة تهديد بالقتل وأنه يرتدي سترة واقية من الرصاص منذ أطلق في يوليو/تموز الماضي حملة تحت شعار "اليوم الدولي لحرق القرآن".
ويذكر أن القس جونز قال إن الإسلام "من عمل الشيطان"، واعتبر أن القرآن الكريم مسؤول عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
إدانات متواصلة
وفي المقابل تواصل التنديد بمساعي القس الأميركي لحرق القرآن الكريم على مختلف الصعد الدينية والسياسية والشعبية.
فقد استنكر بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر هذه الخطوة ووصفها بأنها إهانة خطيرة, وقال بيان صادر عن الفاتيكان إن "أعمال العنف المؤسفة لا يمكن الرد عليها بخطوة خطيرة ومثيرة للغضب ضد كتاب مقدس لطائفة دينية".
وكانت صحيفة الفاتيكان "أوسرفاتور رومانو" قد أبدت في مقال بعنوان "لا أحد يحرق القرآن"، تخوفها من أن تفسح هذه الخطوة الطريق لإلحاق الأذى بشكل كبير بالأقليات المسيحية في الدول ذات الغالبية المسلمة.
وفي ألمانيا قال القس ستيفان ألباروهز زعيم كنيسية إنجيلية ألمانية أسسها جونز نفسه بمدينة كولونيا بغرب ألمانيا في الثمانينيات، إنه "مصدوم ومفاجأ" بموقف جونز، لكنه لا يتوقع له أن يرضخ للضغوط ويتراجع عن قراره.
كما أدان المجلس المركزي لليهود بألمانيا -الذي يعتبر أكبر جماعة يهودية ألمانية- خطط إحراق المصحف ووصفها بالمروعة والبغيضة.
وقالت رئيسة المركز شارلوت نوبلوخ إن هذه الخطوة تحيل إلى الأذهان عملية إحراق كتب الأدب "غير الألماني" التي نظمها الحزب النازي عام 1933 بألمانيا.
تنديد دولي
وعلى الصعيد السياسي عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه الشديد من خطط حرق نسخ من المصحف الشريف, فيما أكد الاتحاد الأوروبي معارضته لهذه الخطط.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون انتقدت خطوة القس جونز ووصفتها "بالعمل الشائن وغير الجدير بالاحترام".
وأضافت -خلال مأدبة إفطار أقامتها لبعض الشخصيات الإسلامية- أن التزام الولايات المتحدة بالتعايش الديني يعود تاريخه إلى بداية نشأة الأمة الأميركية.
كما اعتبر وزير العدل الأميركي إيريك هولدر –إثر لقائه ممثلي الديانات السماوية الذين طالبوه باتخاذ إجراءات صارمة ضد كل من يعتدي على المسلمين- خطط حرق نسخ من المصحف الشريف عملا "غبيا وخطيرا".
ووصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هذه الحملة بأنها "غير جديرة بالاحترام ومنفرة وخاطئة"، وقالت إن الحرية دائما "مرتبطة بالمسؤولية".
ويذكر أن تصريحات ميركل جاءت خلال كلمة ألقتها مساء الأربعاء أمام اتحاد "أم 100" للصحفيين بمدينة بوتسدام الذي سيكرم رسام الكاريكاتور الدانماركي كورت فيسترغارد صاحب الرسوم المسيئة إلى النبي محمد، والتي أثارت عند نشرها قبل خمس سنوات موجة استياء بالغة في العالم الإسلامي.
بسم الله الرحمن الرحيم
(( أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون ))
صدق الله العظيم
((( اللهم أرنا عجائب قدرتك فيهم ))