بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة وإسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا
روى الأمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمة الله في صحيحة في كتاب المناقب من صحيحة قال باب قصة ابى طالب
حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ أَيْ عَمِّ قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَالا يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ فَنَزَلَتْ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَنَزَلَتْ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ
قال الأمام الحافظ أبو الفضل أحمد على بن حجر العسقلاني الشافعي رحمه الله في شرحه على البخاري
قوله : ( حدثنا محمود ) هو ابن غيلان . قوله : ( عن أبيه ) هو حزن بفتح المهملة وسكون الزاي أي ابن أبي وهب المخزومي . قوله : ( أن أبا طالب لما حضرته الوفاة ) أي قبل أن يدخل في الغرغرة قوله : ( أحاج ) بتشديد الجيم وأصله أحاجج , وقد تقدم في أواخر الجنائز بلفظ " أشهد لك بها عند الله " وكأنه عليه الصلاة والسلام فهم من امتناع أبي طالب من الشهادة في تلك الحالة أنه ظن أن ذلك لا ينفعه لوقوعه عند الموت أو لكونه لم يتمكن من سائر الأعمال كالصلاة وغيرها , فلذلك ذكر له المحاججة . وأما لفظ الشهادة فيحتمل أن يكون ظن أن ذلك لا ينفعه إذ لم يحضره حينئذ أحد من المؤمنين مع النبي صلى الله عليه وسلم , فطيب قلبه بأن يشهد له بها فينفعه . وفي رواية أبي حازم عن أبي هريرة عند أحمد " فقال أبو طالب : لولا أن تعيرني قريش يقولون ما حمله عليه إلا جزع الموت لأقررت بها عينك " وأخرج ابن إسحاق من حديث ابن عباس نحوه . قوله : ( وعبد الله بن أبي أمية ) أي ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم , وهو أخو أم سلمة التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك , قد أسلم عبد الله يوم الفتح واستشهد في تلك السنة في غزاة حنين . قوله : ( على ملة عبد المطلب ) خبر مبتدأ محذوف , أي هو . وثبت كذلك في طريق أخرى . قوله : ( فنزلت : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعدما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم . ونزلت إنك لا تهدي من أحببت ) أما نزول هذه الآية الثانية فواضح في قصة أبي طالب , وأما نزول التي قبلها ففيه نظر , ويظهر أن المراد أن الآية المتعلقة بالاستغفار نزلت بعد أبي طالب بمدة , وهي عامة في حقه وفي حق غيره , ويوضح ذلك ما سيأتي في التفسير بلفظ " فأنزل الله بعد ذلك ( ما كان للنبي والذين آمنوا ) الآية . وأنزل في أبي طالب ( إنك لا تهدي من أحببت ) ولأحمد من طريق أبي حازم عن أبي هريرة في قصة أبي طالب " قال فأنزل الله ( إنك لا تهدي من أحببت ) وهذا كله ظاهر في أنه مات على غير الإسلام . ويضعف ما ذكره السهيلي أنه رأى في بعض كتب المسعودي أنه أسلم , لأن مثل ذلك لا يعارض ما في الصحيح .