عندما كنت صغيرا كنا نلتف انا واخوتي ليلا حول جدتي تحكي لنا قصصا وحواديت وكانت احيانا تحكي لنا قصة النداهة (الجنية التي تخطف الرجال) و كيف ان هذه النداهة او الجنية كانت تظهر ليلا في الظلام للرجال والشبان وتخطفهم لتنزل بهم الي تحت الارض او الي تحت الماء وان هذه النداهة او الجنية كانت لا تظهر الا في الظلام وفي الاماكن المهجورة ولاتظهر الا للشخص الوحيد اما اذا كانوا اكثر من واحد فكانت لا تظهر لهم وكانت تخشاهم
وعندما كان يغلبنا الخوف من النداهة في حدوتة جدتي كانت امي تطمئننا انه لا توجد نداهة او جنية وانها مجرد حدوتة من حواديت الجدة فكنا نطمئن ونهدأ
ثم كبرنا فأكتشفنا انه توجد في بلدنا نداهة وجنية حقيقية تلبس زيا رسميا ويراها الجميع ليل نهار والنداهة الجديدة هي الشرطة في بلدنا فهي تقوم بخطف الناس واخفائهم او قتلهم دون اي ذنب او جريرة سوي ان قدرهم اوقعهم في طريق هذه النداهة الجديدة كما حدث مع الشهيد خالد سعيد شهيد الاسكندرية وغيرة
وان كانت النداهة في حدوتة جدتي لا تظهر الا ليلا وفي الماكن المظلمة المعزولة فإن النداهة او الجنية الجديدة الشرطة) تظهر ليلا ونهارا وفي كل الاماكن مهجورة او مسكونة حتي داخل البيوت تجدهم يصلون اليها اي انها اخطر الف مرة من نداهة جدتي
وإذا كانت نداهة جدتي لا تظهر الا للافراد فقط فإن النداهة او الجنية الجديدة(الشرطة) تظهر للجميع افرادا وجماعات رجالا ونساءا وحتي للاحداث فهي اكثر شجاعة وفتكا ولا مفر من بطشها ولا مجير من اهوالها
كانت نداهه او جنية حواديت جدتي واحدة اما النداهة اليوم الحقيقية (الشرطة) فهي بالآلاف
كان البعض يخرج سالما من صراعة مع نداهة جدتي والبعض يختفي والبعض يموت اما النداهة اليوم(الشرطة) فلا ينجو منها احد او يعود فالكل مفقود
كان حضن امي وكاماتها تكتفي لطمئنتي وازالة خوفي من نداهة حدوتة جدتي اما اليوم فلا اجد من يطمئنني ويزيل خوفي من نداهة هذه الايام فالكل سيطال ولا يوجد من يستطيع ان يطمئنني
فلنعيش في خوفنا متسربلين بالرعب من تطولنا يد النداهة الجديدة في اي وقت واي مكان حتي ولو في مخادعنا
يبدو ان زمن جدتي كان افضل من زمننا حتي علي مستوي النداهات والجنيا