المسيخ الدجال هو علامة من علامات الساعة الكبرى , فلا يوجد فتنه أكبر من هذه الفتنة , حيث يخرج رجل أمام الناس لا يدعي الربوبية فقط بل يدعي أنه الله صراحة ً تبارك الله وتعالى عن ذلك فيجعل السماء تمطر ويحبس الشمس ويحيي ويميت ويجعل الجبال تتناطح ويلحق به الطعام والكنوز ويدخل جميع البلاد والدول والمدن خلال أربعين يوماً ما عدا مكة المكرمة والمدينة المنورة فهما محرمتان علية فكلما أراد دخولهما وجد الملائكة تحرسهما شاهرة أسيافها فينصرف عنهما , وقد ورد ذلك في الحديث الشريف فعن عمران بن حصين قال : سمعت رسول الله صلى الله علية وسلم يقول { ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال }( مختصر مسلم 2058 )
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم { ما بُعِثَ نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب , ألا إنه أعور , وربكم ليس بأعور وان بين عينيه مكتوب كافر } ( رواه البخاري ) ,
وأنا في هذا المقال لست بصدد التحدث عن هذه الفتنة العظيمة وصاحبها بل أريد أن أتحدث عن جزئية بسيطة عنها وهو مكان وجود المسيخ الدجال في وقتنا الحاضر , فهو بلا أدنى شك موجود معنا حالياً يعيش على هذا الكوكب محبوس في جزيرته ولنتحدث الآن عن شخصية صاحب أعظم فتنه في التاريخ , ففي العهد النبوي كان يوجد شخص يهودي اسمه( صاف وكنيته ابن صياد ) وكان هناك شك في أنه هو المسيح الدجال , وحتى الرسول الكريم صلى الله علية وسلم لم يؤكد أو ينفي بشكل جازم أن ابن صياد هو المسيخ الدجال فقد ورد في صحيح مسلم عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء إلى رسول الله صلى الله علية وسلم ليأذن له في قتل ابن صياد فقال له رسول الله صلى الله علية وسلم { إن يكن هو فلست صاحبه , وإنما صاحبه عيسى بن مريم وان لم يكن فليس لك أن تقتل رجلاً من أهل العهد } , ولكن ابن صياد اسلم ودخل مكة والمدينة وله أولاد , ولكن هل ارتد ابن صياد عن الإسلام ؟ الله أعلم فلا أحد يدري أين ذهب ولا يُعلم له قبر , فبعد معركة الحرة التي حدثت قرب المدينة لم يجده أحد بين القتلى ولا الجرحى ولم يره أحد بعدها ولا أحد يعلم إن كان قد قُتل ولا أحد يُعلم له قبر , فأين ذهب ؟ , وهل تم حبسه في جزيرته ؟ أما القصة الغريبة فهي القصة التي أخبر بها تميم الداري رضي الله عنه وقد وردت في صحيح مسلم ( 2942 )
, حيث أنه أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ركب البحر هو ومجموعة معه فلعب بهم البحر شهراً ثم أنزلهم بالقرب من جزيرة , فنزلوا بهذه الجزيرة فوجدوا ( الجساسه ) وهي مخلوق لا يُعرف قبلها من دبرها من كثرة الشعر فحينما رآها تميم الداري وأصحابه سألوها ما تكون ؟ فقالت لهم : أنا الجساسه . فقالوا وما الجساسة ؟ فحينها سمت لهم رجلاً وأشارت إليهم أن يدخلوا الدير ( الكهف ) الذي في الجزيرة لأنه هناك ينتظرهم , وحينما دخلوا وجدوا المسيخ الدجال مكبلاً بالأغلال كما ورد في الحديث ( أعظم إنسان رأوه قط خلقاً , وأشده وثاقاً , مجموعة يداه إلى عنقه , ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد ) , ثم إن الدجال سألهم عن بعض الأمور مثل نخل بيسان وبحيرة الطبريه وعين زغر , ثم سأل عن رسول الله صلى الله علية وسلم وكيف فعل ؟ فأخبروه بأمر هجرة الرسول صلى الله علية وسلم وجهاده في سبيل نشر الدعوة وأن دعوة الرسول صلى الله علية وسلم قد انتشرت وأن معظم العرب قد أطاعوه . عندها أراد الدجال أن يتأكد حقاً من كلامهم فسألهم قائلاً : قد كان ذاك؟؟ فأجابوه : نعم , عندها يقول هذا الدجال الذي سيخرج ويدعي الربوبية ويريد أن يُظل ويغوي الخلق : خير لهم – أي للعرب – أن يطيعوه , أي خير للعرب أن يطيعوا الرسول الكريم صلى الله علية وسلم ,
ونعود لموضوع وجود المسيح الدجال حالياً , عموماً هو موجود في جهة المشرق مصداقاً لقول الرسول الكريم صلى الله علية وسلم { ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن , لا بل من قبل المشرق ما هو , من قبل المشرق ما هو , من قبل المشرق ما هو } وأومأ بيده إلى المشرق ؟ ( مختصر صحيح مسلم 2063 ) , ولكن المشرق ممتد ومتسع ففي أي مكان من المشرق ؟ يخرج بالتحديد من إقليم خرسان فقد قال رسول الله صلى الله علية وسلم { يخرج من أرض يُقال لها خرسان }( أخرجه ابن أبي شيبه في مصنفه 15/145 ) وخرسان تشمل مناطق : مرو وبلخ وهره ونيسابور , أما المنطقة التي سيخرج منها الدجال هي منطقة ( مرو ) كما قال الرسول الكريم صلى الله علية وسلم { يخرج الدجال من مرو من يهوديتها }( كنز العمال ح/39684 – للمتقي الهندي ) هذا بالنسبة لخروج الدجال ,
أما بالنسبة لمكان وجودة حالياً فهو موجود في ( دير – كهف ) وهذا الكهف فيه دهليز يمشي فيه الإنسان منحنياً مسافة ثم يظهر في آخرة ضوء وعين ينبع منها الماء , والكهف محاط بشبه حظيرة بها ثقب يخرج منه هواء شديد ولا يمكن لأي أحد أن يدخله من شدة الهواء الخارج إليهم , وهذا الكهف موجود في جبل اسمه ( كلستان ) على شاطئ أحد الأنهار ومن المرجح أن يكون المسيخ الدجال محجوز في هذا ( الدير – الكهف ) الموجود في جبل( كلستان ) وهذا الجبل موجود في إقليم خرسان بالقرب من بلدة ( مرو ) والذي لا يستطيع أحد الدخول إليه والله أعلم , هكذا وصف الرحالة المسلم / زكريا بن محمد بن محمود القزويني ذلك المكان في كتابه ( آثار البلاد ) في وصفه لإقليم خرسان وقد قال بالنص ( خرسان بلاد مشهورة , شرقيها ما وراء النهر وغربيها قهستان , قصبتها ( مرو ) وهراة وبلخ ونيسابور وهي من أحسن أرض الله وأعمرها وأكثرها خيراً وأهلها أحسن الناس صورة وأكملهم عقلاً وأقومهم طبعاً وأكثرهم رغبة في الدين والعلم وبها جبل ( كلستان ) وقد حدثني بعض فقهاء خراسان أن في هذا الجبل كهفاً شبه إيوان وفيه شبه دهليز يمشي فيه الإنسان منحنياً مسافة ثم يظهر الضوء في آخره ويتبين محوط شبه حظيرة فيها عين ينبع الماء منها وينعقد حجراً على شبه القضبان وفي هذه الحظيرة ثقبة يخرج منها ريح شديدة لا يمكن دخولها من شدة الريح ). فهذا الجبل والكهف – الدير - موجود في إقليم خرسان قرب بلدة ( مرو ) والتي ذكر الرسول الكريم صلى الله علية وسلم أن الدجال سيخرج منهما كما ذكرت آنفاً , ولا أحد يستطيع أن يتأكد من ذلك لأن إرادة وحكمة الله سبحانه وتعالى قضت بأن يجعل الدجال مغيباً عنا حتى يحين وقت خروجه فنحن لا نعلم عنه إلا كما علمنا الرسول الكريم صلى الله علية وسلم , فسبحان الله العظيم