عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى القرشى.
لقبه الفاروق وكنيته أبو حفص
ولد سنة 40 قبل الهجرة.
كان حسن الوجه، غليظ الكفين والقدمين، كث اللحية، أصلع، ضخمًا طويلاً، يرى كأنه راكب من طوله البائن، وكان أسمر يميل إلى الحمرة، قوىَّ البنية، جهورى الصوت، يستخدم كلتا يديه.
كان أنبه فتيان قريش وأشدهم شكيمة، وكان يجيد القراءة والكتابة، وكان مبعوث قريش وسفيرها ومفخرها فى الجاهلية.
كان يصبغ لحيته بالحناء والكتم.
قالت فيه الشفاء بنت عبد الله: ((إذا تكلم أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع، وهو الناسك حقًّا)).
كان قبل إسلامه شديد الإيذاء للمسلمين، حتى قيل: ((لو أسلم حمار الخطاب ما أسلم ابن الخطاب!!)).
علم بإسلام أخته فاطمة فتوجه إليها، فوجد خباب بن الأرت يعلمها وزوجها سعيدًا القرآن، فضربها، ورفضت إعطاءه الصحيفة إلا بعد أن يتطهر، فاغتسل ثم قرأها، وكان فيها صدر سورة طه، فشرح الله صدره للقرآن فذهب وأسلم بين يدى النبى e.
أسلم قبل الهجرة بخمس سنوات.
رقم أربعين فى الإسلام.
كان إسلامه دليلاً على محبة الله وإكرامه له حيث استجابI لدعوة رسوله e: ((اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ: بِأَبِى جَهْلٍ، أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ)) .
خرج من دار الأرقم على رأس أحد صفين للمسلمين عندما جهر المسلمون، بالدعوة وهو الذى اقترح ذلك.
يقول ابن مسعود : ((مازلنا أعزة منذ أسلم عمر)).
كان الصحابى الوحيد الذى جهر بهجرته إلى المدينة حيث تحدى المشركين فقال: ((إنى عازم على الهجرة، فمن أراد أن تثكله أمه، أو أن ييتم أولاده، فليلقنى غدًا وراء هذا الوادى)) فلم يقف أمامه أحد.
آخى الرسول بينه وبين عتبان بن مالك .
أبو أم المؤمنين حفصة التى تزوجها الرسول e.
كان نقش خاتمه: كفى بالموت واعظًا يا عمر.
قال عنه e:((إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ))
وقال: ((إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِى أُمَّتِى هَذِهِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ)).
قال له النبى e: ((وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا، إِلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ)) .
وافقه القرآن فى ست مسائل، فكان من رأيه تحريم الخمر فنـزل تحريمها، وكان من رأيه قتل أسرى بدر وعدم قبول الفداء منهم، فنـزل القرآن يؤيد رأيه، وكان من رأيه اتخاذ الحجاب على زوجات النبى e، فنـزل القرآن بذلك، وكان من رأيه عدم صلاة النبى e على المنافقين، فنـزل القرآن ينهى النبى e عن الصلاة عليهم، وكان من رأيه الصلاة فى مقام إبراهيم، فنـزل القرآن آمرًا المسلمين بالصلاة فيه، وعندما اجتمع نساء النبى e فى الغيرة عليه قال لهن: ((عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ)) فنـزلت سورة التحريم وبها هذه الآية.
شهد المعارك كلها مع رسول الله e .
أحد العشرة المبشرين بالجنة.
وقف مع رسول الله يومًا على جبل أحد وكان معهما أبو بكر وعثمان فاهتز الجبل فقال الرسول e: ((اثْبُتْ أُحُدُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِىٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ)) .
مع قوته الشديدة فقد كان يسمع الآية فيخر مغشيًّا عليه من الخوف، سمع قول الله تعالى: } وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ{ ، فخر مغشيًا عليه، وسمع قول الله تعالى:} يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ{ ، فخرَّ مغشيًا عليه.
أول من بايع أبا بكر بالخلافة.
كان من رأيه حرب المرتدين وتأجيل حرب مانعى الزكاة لضعف الدولة، فرفض أبو بكر فاستجاب له.
تولى الخلافة وعمره 55 سنة بترشيح من أبى بكر.
أول ما فعله بعد توليته الخلافة أن رد سبايا حروب الردة، حتى لا يصير السبى سبة على العرب.
فُتِحَت فى عهده بلاد الشام والعراق وفارس ومصر وبرقة وطرابلس الغرب وأذربيجان ونهاوند وجرجان.
بنيت فى عهده البصرة والكوفة.
كان يضع على الدراهم (الحمد لله) وعلى بعضها (لا إله إلا الله وحده) وعلى بعضها (محمد رسول الله).
رآه رسول ملك الروم نائمًا تحت شجرة فقال: ((حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر)).
كان شديد الرحمة بالرعية شديد المحاسبة للولاة، وأسس لذلك قانون[من أين لك هذا؟].
قال ابن عباس: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة، فنـزل على ابن أخيه الحُرِّ بن قيس -وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته، كهولاً كانوا أو شبانًا- فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخى، هل لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لى عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه، فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال: هِىْ يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه e: ] خُذ العَفْوَ وأْمُرْ بِالْعُرْف وَأَعْرِضْ عَن الْجَاهِلِينَ[ ، وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافًا عند كتاب الله.
كان يطوف بالأسواق منفردًا ويقضى بين الناس.
من أقواله: ((لو عثرت بغلة فى العراق لسئلت عنها:لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق يا عمر؟)) ومن أقواله أيضًا: ((لقد آليت على نفسى ألا آكل السمن واللحم حتى يشبع منهما المسلمون جميعًا)) وكان يقول: ((الذنوب أخوف على الجيش من العدو)) و من أقواله:"حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا فإنه أهون عليكم فى الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) .
له كلمات ورسائل وخطب غاية فى البلاغة.
تزوج فى الجاهلية قريبته أم كلثوم بنت جرول، وفى الإسلام زينب بنت مظعون وأم كلثوم بنت علىّ t وجميلة بنت ثابت، وأم حكيم بنت الحارث، وعاتكة بنت، زيد وسبيعة بنت الحارث، وقد توفى وبعضهن فى عصمته.
كان له 12 ولدًا منهم 6 ذكور، وهم عبد الله، وعبد الرحمن، وزيد،وعبيد الله، وعاصم، وعياض، و6 إناث هن حفصة، ورقية، وفاطمة، وصفية، وزينب، وأم الوليد.
أول من اتخذ التاريخ الهجرى، وأول من سُمِّى بأمير المؤمنين، وأول من عسَّ فى عمل ، وأول من عقد المؤتمرات للقادة والولاة فى موسم معين، وأول من حمل الدُّرة وأدَّب بها، وأول من جمع الناس فى صلاة التراويح، وأول من أنار المساجد فى ليالى رمضان، وأول من جمع الناس على صلاة الجنازة بأربع تكبيرات، وأول من أوقف سهم المؤلفة قلوبهم باجتهاده لزوال العلة، وأول من منح الجوائز لحفظ القرآن الكريم، وأول من جعل الخلافة شورى فى عدد معين،وأول من جعل الطلاق الثلاث بلفظ واحد بائنًا بينونة كبرى، وأول من أمر بتطليق الكتابية ونهى عن الزواج منها، وأول من عاقب على الهجاء، وأول من أخذ زكاة الخيل، وأول من استقضى بالأمصار، وأول من جعل الجزية طبقات حسب قدرة الرعية، وأول من أسقط الجزية عن فقراء أهل الذمة والعجزة، وأول من أقام المعسكرات الحربية، وأول من أمر بالتجنيد الإجبارى، وأول من عمل ديوان الجند، وأول من خصص أطباء وقضاة ومرشدين للجند، وأول من اتخذ بيتًا خاصًّا لأموال المسلمين، وأول من ضرب الدراهم (صك النقود)، وأول من فرض عطاءً لكل مولود فى الإسلام، وأول من جعل نفقة اللقيط من بيت مال المسلمين، وأول من أحصى أموال العمال فى الدولة وحاسبهم على الزيادة بقانون من أين لك هذا، وأول من قتل الجماعة بالواحد، وأول من أمر بقتل السحرة، وأول من جلد من زوَّر خاتم الدولة الرسمى.
كان يخطب الجمعة يومًا فصاح: ((يا سارية، الجبل، من استرعى الذئب ظلم)) ، فأخبره المسلمون بعد عودتهم بأنهم سمعوه أثناء المعركة بعد أن جاوزوا الجبل، فعادوا إليه، ففتح الله عليهم.
كان يمر على الرعية فيخدمهم بنفسه ويقضى حاجاتهم ويسمع شكاواهم.
روى عن النبى e 527 حديثًا.
من مروياته عن النبى e أنه قال : ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)) .
كانت مدة خلافته 10 سنوات و6 أشهر و4 أيام.
رأى فى منامه كأن ديكًا نقره نقرة أو نقرتين وأوَّلَها بحضور أجله.
استُشهد t سنة 23 هـ طعنه أبو لؤلؤة فيروز الفارسى المجوسى غلام المغيرة بن شعبة بخنجر فى خاصرته وهو يصلى الصبح، وعاش بعد الطعنة ثلاث ليال، رشَّح فيها لخلافته ستة من الصحابة ليختاروا منهم واحدًا فاختاروا عثمان. ، ودُفِن مع الرسول e وأبى بكر فى حجرة عائشة.
كُتِبَ فى سيرته: (عبقرية عمر) للعقاد، و(الفاروق عمر) لهيكل، و(شهيد المحراب) لعمر التلمسانى