بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه أجمعين
عذاب القبر
هل هو على الروح فقط ؟
أم على البدن فقط؟
أم عليهما جميعاً؟
فيها خلاف بين أهل القبلة, فمنهم من قال على الروح فقط ومنهم من قال على البدن فقط, وهذا القولان
فيهما قصور ظاهر لأن الأدلة قد دلت على غير هذا وكأني بك قد عرفت مذهب أهل السنة في هذه
المسألة, فإن الحق عليه نور وهو متوافق مع الفطرة كل الموافقة, فكما أن الإثم ماحاك في صدرك وكرهت
أن يطلع عليه الناس فكذلك الحق والبر فإنه ماتوافق مع الفِطَر السليمة والأفهام المستقيمة, فأهل الحق
في هذه المسالة يقولون:- العذاب في القبر منصب على البدن والروح جميعاً, فالروح تأخذ نصيبها من
العذاب كما أن البدن يأخذ حظه من العذاب على الصفة والكيفية التي يريدها الله تعالى, لا ندخل في هذا
الباب متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا, بل نقول بما قال به النص ونسكت عما سكت عنه النص,
فالنص هو السيد المطاع والعقل هو العبد التابع, والنص هو الميزان والعقل هو الموزون ولاخير في عقلٍ بلا نقل, وأعقلنا أكثرنا طاعة لله جلَّ وعلا, والمقصود أن أهل السنة- رحمهم الله تعالى- قالوا:- العذاب عليهما جميعاً لكنه على الروح أصلاً وعلى البدن تبعاً, ولذلك فإن الدور ثلاثة:- فأما الدنيا فعذابها على البدن أصلاً
وتدخل معه الروح تبعاً, وأما في البرزخ فعذابه على الروح أصلاً ويدخل معها البدن تبعاً, وأما في الآخرة فعلى الروح والبدن معاً سواءً بسواء هكذا قاله أهل السنة وهو ما تقرر بالأدلة وقد سقناها في كتابنا( إتحاف أهل
الألباب بمعرفة التوحيد والعقيدة في سؤال وجواب) فإننا بحمد الله وتوفيقه وفضله وعظيم منته تتبعنا فيه
أكثر من سبعين وثلاثمائة سؤال وأجبنا عنها بأجوبة سهلة مفهومه مقرونة بالتدليل والتعليل, والفضل في
هذا كله أوله وآخره وسره وعلانيته لله جلَّ وعلا وحده لاشريك له, وأسأله باسمه الأعظم المزيد من فضله
وتوفيقه وهدايته, وهو أعلى وأعلم.