أولاً: التربية بالقدوة
القدوة فى التربية هى أفعل الوسائل جميعاً وأقر بها إلى النجاح. ولقد علم الله سبحانه- وهو يضع ذلك المنهج العلوى المعجز- أنه لابد من ذلك البشر. لابد من قلب إنسان يحمل المنهج ويحوله إلى حقيقة لكى يعرف الناس أنه حق.....ثم يتبعوه.
لابد من قدوة لذلك بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون قدوة للناس: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ". الأحزاب: 21
والولد الذى يقسو عليه أبوه لا يمكن أن يتعلم الرحمة والتعاون. والأسرة هى المحضن الذى يبذر فى نفس الأطفال أول بذوره, ويكيف بتصرفاته مشاعر الطفل وسلوكه. ومن ثم ينبغى أن تكون أسرة نظيفة, أسرة مسلمة. حتى ينشأ جيل مسلم يحقق فى نفسه مبادئ الإسلام. يأخذها بالقدوة المباشرة.. المنقولة عن قدوة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وينبغى أيضا- بالإضافة إلى ذلك- أن تكون سيرة الرسول جزءاً دائماً من منهج التربية, سواء فى المنزل أو المدرسة أو الكتاب أو الصحيفة أو المذياع لتكون القدوة دائمة وحية وشاخصة فى المشاعر وفى الأفكار.
ثانياً: التربية والوعظ:
فى النفس استعداد للتأثر بما يلقى إليها من كلام, وهو استعداد مؤقت فى الغالب. ولذلك يلزمه التكرار. والموعظة المعبرة تفتح طريقها إلى النفس مباشرة عن طريق الوجدان. وتهزه هزاً, وتغيركوا منه. لحظة من الوقت. كالسائل الذى تقلب فيه رواسبه فتملأ كيانه, ولكنها إذا تركت تترسب من جديد.
والقرآن ملئ بالمواعظ والتوجيهات:
" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً " (سورة النساء: 58)
فالقرآن كله موعظة للمتقين
ثالثاً: التربية بالعقوبة
حين لا تفلح القدوة ولا تفلح الموعظة, فلابد إذن من علاج حاسم يضع الأمور فى وضعها الصحيح.
والعلاج الحاسم هو العقوبة.
وليست العقوبة أول خاطر يخطر على قلب المربى ولا أقرب سبيل, فالموعظة هى المقدمة, والدعوة إلى عمل الخير, والصبر الطويل على انحراف النفوس لعلها تستجيب. " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ وَلا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ " (سورة فصلت: 33 – 34)
فمن الناس من تكفيه الإشارة البعيدة فيرتجف قلبه ويهتز وجدانه, ويعدل عما هو مقدم عليه من انحراف. ومنهم من لا يردعه إلا الغضب الجاهر الصريح. ومنهم من يكفيه التهديد بعذاب مؤجل التنفيذ. ومنهم من لابد من تقريب العصا منه حتى يراها على مقربة منه. ومنهم بعد ذلك فريق لابد أن يحس لذع العقوبة على جسمه لكى يستقيم!
رابعاً: التربية بالقصة:
فى القصة سحر يسحر النفوس!
أى سحر هو وكيف يؤثر على النفوس؟ لا يدرى أحد على وجه التحديد!
نستخدم كل أنواع القصة: القصة التاريخية الواقعية المقصودة بأماكنها وأشخاصها وحوادثها. والقصة الواقعية التى تعرض نموذجاً لحالة بشرية, فيستوى أن تكون بأشخاصها الواقعيين أو بأى شخص يتمثل فى ذلك النموذج.
والقصة التمثيلية التى لا تمثل واقعة بذاتها ولكنها يمكن أن تقع فى أية لحظة من اللحظات أو فى أى عصر من العصور.
خامساً: التربية بالعادة:
العادة تؤدى مهمة خطيرة فى حياة البشرية. فهى توفر قسطا كبيراً من الجهد البشرى- بتحويله إلى عادة سهلة ميسرة- لينطلق هذا الجهد فى ميادين جديدة من العمل والإنتاج والإبداع. ولولا هذه الموهبة التى أودعها الله فى فطرة البشر لقضّوا حياتهم يتعلمون المشى أو الكلام أو الحساب!
كل عادة من عادات الإسلام, تبدأ باستحياء الرغبة ثم تتحول إلى عمل حى لا يكلف أداؤه شيئا من الجهد وهو مع ذلك رغبة واعية لا أداء آلى مجرد من الشعور.
سادسا: ملء الفراغ
الإسلام حريص على شغل الإنسان شغلاً كاملاً منذ يقظته إلى منامه, بحيث لا يجد الفراغ الذى يشكو منه. ويحتاج فى ملئه إلى تبديد الطاقة أو الانحراف بها عن منهجه الأصيل.
وليس معنى ذلك هو استنفاد المخلوق البشرى واستهلاكه... فليس ذلك قط من أهداف الإسلام الذى يدعو إلى استمتاع الإنسان بالطيبات وتذكر نصيبه من الحياة الدنيا.
سابعا: التربية بالأحداث
الحياة الدنيا كد وكدح ونصب.... وتفاعل دائم مع الأحداث. ومادام الناس أحياء فهم عرضة على الدوام للأحداث... تقع بسبب تصرفاتهم الخاصة أو لأسباب خارجة عن تقديرهم وخارجة عن إرادتهم. والمربى البارع لا يترك الأحداث تذهب سدى بغير عبرة وبغير توجيه, وإنما يستغلها لتربية النفوس وصقلها وتهذيبها. فلا يكون أثرها موقوتاً لا يلبث أن يضيع.