كنت سائرا في أحد الشوارع المزدحمة , وفجأة تسللت إلى أنفي رائحة ما لبثت ان غاصت في اعماق ذاكرتي وتوقف الزمن , ما هذا ؟ إنها رائحة عطر جميل , ولكن اين شممتها من قبل ؟ إنها ! إنها ! ياه إنني اتذكر , تلك الغرفة المبنية بالطين , صح وهذه اللوحات المعلقة على الجدران . إنه فصل 1 / 1 الذي كنت أدرس به في مدرستي الابتدائية . تلك الرائحة النفاذة التي دخلت مع دخول الاستاذ احمد , أه تذكرت إنها رائحة عطر الاستاذ احمد وكان أول مرة يدخل فصلنا فقد كان مسافرا للعراق , ياه ما هذه المعلومات وما الذي جعلها تطفو فوق سطح الذاكرة رغم انها ترقد هناك منذ أكثر من 25 سنة حينما كنت في الابتدائي , يا ربي إنها نفس الرائحة , كل ذلك دار في عقلي في ثواني معدودة . فرفعت رأسي بسرعة ورحت ابحث عن مصدر الرائحة ولكن كيف لي ان اجده وسط هذا الزحام , فوقفت في ذهول وكأن عجلة الزمن تدور للخلف , فقررت ان ابحث عن الشخص الذي تعطر بهذا العطر لأسأله عن نوعه حتى اشتريه , ولكن لم أفلح وكنت متأكدا ان الاستاذ احمد قد نسي اصلا هذا العطر فقد قابلته مرارا وتكرارا ولم اشتم منه تلك الرائحة .
المهم أن بعد هذا الموقف جلست أتأمل كيف لعطر بسيط ان يترك أثرا في الذاكرة طيلة ربع قرن من الزمان وكيف أنه بمجرد ان شممته فأصبح مفتاحا للذاكرة وغاص في اعماقها ليجلب لي ذكريات جميله .
واستخلصت عبرة , أن الانطباعة الأولى تدوم فاحرص على مظهرك وطيب رائحتك وطيب معاملتك حتى تترك أثرا جميلا يتذكره كل من تعامل معك مدا طويلة .
كما أني استخلصت عبرة أحب أن أوجهها للسادة المعلمين , انت تساهم في بناء عقول في مرحلة النمو فاحرص ان تبني وانت في قمة الأناقة واللباقة وبأسلوب حسن حتى تصبح جزءا سعيدا من ذاكرة تلك العقول .
جزاك الله عنا خير الجزاء يا استاذ احمد أنت وكل الأجلاء الذين درسوا لنا في مختلف المراحل
فتركوا بصمات جيدة في ذكرياتنا . .